فصل: (28/7) باب التدبير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[28/7] باب التدبير

4185 - عن جابر: «أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال من يشتري مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا، فدفعه إليه» متفق
عليه، وفي لفظ قال: «أعتق رجل من الأنصار غلامًا له عن دبر وكان محتاجًا وكان عليه دين، فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - بثمان مائة درهم فأعطاه، فقال: اقض دينك، وأنفق على عيالك» رواه النسائي.
4186 - وعن محمد بن قيس بن الأحنف عن أبيه عن جده «أنه أعتق غلامًا له عن دبر وكاتبه فأدى بعضًا وبقي بعض ومات مولاه، فأتوا ابن مسعود فقال: ما أخذ فهو له، وما بقي فلا شيء لكم» رواه البخاري في "تاريخه".
4187 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدبر من الثلث» رواه الشافعي والدارقطني وابن ماجه، وقد اختلف في رفعه ووقفه وأطبق الحفاظ على تصحيح رواية الوقف، وقال ابن ماجه: حديث لا أصل له أي رفعه.

.[28/8] باب ما جاء في المكاتب

4188 - عن سهل بن حنيف مرفوعًا: «من أعان غارمًا أو غازيًا أو مكاتبًا في كتابته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» رواه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
4189 - وعن عائشة «أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا فقالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاءك لي فعلت فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاءك، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها رسول الله: ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قال: ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة شرط. الله أحق وأوثق» متفق عليه، وفي رواية قالت: «جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية» الحديث متفق عليه.
4190 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما عبد كوتب بمائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق» رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه الحاكم وصححه وأخرجه أبو داود بلفظ: «المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم» وحسن في "بلوغ المرام" إسناده.
4191 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.

4192 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية الحر وما بقي دية العبد» رواه الخمسة إلا ابن ماجه ورجال إسناد أبي داود ثقات.
4193 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤدي المكاتب بقدر ما أدى» رواه أحمد.
4194 - وعن موسى بن أنس: «أن سيرين سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فقال: كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا عمر: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:33]» أخرجه البخاري.
4195 - وعن أبي سعيد المقبري قال: «اشترتني امرأة من بني الليث بسوق ذي المحارب بسبعمائة درهم ثم قدمت فكاتبتني على أربعين ألف درهم فأذهبت إليها عامة المال ثم حملت ما بقي إليها فقلت: هذا مالك فاقبضيه فقالت: لا والله حتى آخذه منك شهرًا بشهر وسنة بسنة فخرجت به إلى عمر بن الخطاب فذكرت له ذلك فقال عمر: ارفعه إلى بيت المال، ثم بعث به إليها، هذا مالك في بيت المال، وقد عتق أبو سعيد فإن شئت فخذي شهرًا بشهر وسنة بسنة قال فأرسلت فأخذته» رواه الدارقطني والبيهقي.

.[28/9] باب ما جاء في أم الولد

4196 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه» رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه وفيه نظر والبيهقي بإسناد ضعيف، ورجح جماعة وقفه وفي لفظ: «أيما امرأة ولدت من سيدها فهي معتقة عن دبر منه» أو قال: «من بعده».
4197 - وعن ابن عباس قال: «ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أعتقها ولدها» رواه ابن ماجه والدارقطني وقد تكلم في إسناده وصححه ابن حزم من طريق أخرى وتعقبه ابن القطان.
4198 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها السيد ما دام حيًا، وإذا مات فهي حرة» رواه الدارقطني ومالك في الموطأ والدارقطني من طريق أخرى عن ابن عمر من قوله وهو أصح، وقال الدارقطني: الصحيح وقفه على عمر، وأما ابن القطان فصحح رفعه أو حسنه، وقال: رواته كلهم ثقات، وقال: عندي أن الذي أسند ثقة خير من الذي أوقفه.
4199 - وعن أبي الزبير عن جابر سمعه يقول: «كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - فينا حي لا نرى بذلك بأسًا» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي والدارقطني وصححه ابن حبان وجود إسناده العقيلي.
4200 - وصححه الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري ولا يصح قاله صاحب "البدر المنير".
4201 - وعن عطاء عن جابر قال: «بعنا أمهات الأولاد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا» رواه أبو داود والحاكم.
4202 - وعن الخطاب بن صالح عن أمه قال: «حدثتني سلامة بنت معقل قالت: كنت للحباب بن عمرو ولي منه غلام فقالت لي امرأته: الآن تباعين في دينه فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: من صاحب تركة الحباب بن عمرو؟ وقالوا أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو فدعاه فقال: لا تبيعوها وأعتقوها فإذا سمعتم برقيق قد جاءني فأتوني أعوضكم ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قوم: أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضكم وقال بعضهم: هي حرة قد أعتقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففيَّ كان الاختلاف» رواه أحمد في "مسنده" قال الخطابي: وليس إسناده بذاك، وأخرجه أبو داود بلفظ «قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبو اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت لي امرأته الآن والله تباعين في دينه، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله إني امرأة من خارجة قيس بن غيلان قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبو اليسر فولدت له عبد الرحمن بن الحباب فقالت لي امرأته الآن والله تباعين في دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ولي الحباب بن عمرو؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو، فبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعتقوها فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم منها قالت فأعتقوني وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقيق فعوضهم مني غلامًا» وفي إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وفيه مقال: فذكر البيهقي أنه أحسن شيء روي في هذا الباب.

.[29] كتاب النكاح

.[29/1] باب الحث عليه وكراهة تركه للقادر عليه

4203 - عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع من سنن المرسلين الحياء (أو الحناء) والتعطر والسواك والنكاح» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أحمد في المسند والبيهقي في "شعب الإيمان".
4204 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» رواه الجماعة.
4205 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا».
4206 - وعن أنس: «أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم: لا أتزوج، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأنام وأتزوج النساء، فمن يرغب عن سنتي فليس مني» متفق عليهما.
4207 - وعن سعيد بن جبير «قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء» رواه أحمد والبخاري.
4208 - وعن قتادة عن الحسن عن سمرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التبتل، وقرأ قتادة {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38]» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حسن غريب.
4209 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» رواه أحمد وصححه ابن حبان.
4210 - وله شاهد عند أبي داود والنسائي وابن حبان أيضًا من حديث معقل بن يسار، وصححه الحاكم.
قوله: «الباءة» بالهمز وتاء تأنيث ممدود قيل هي النكاح وقيل مؤنته وهو الظاهر فإن الأول لا يناسبه.
قوله: «فعليه بالصوم».
قوله: «أغض للبصر» أي أشد غضًا أو أشد إحصانًا لأنه يمنعه عن الوقوع في المحظور.
قوله: «وجاء» بكسر الواو والمد وهو في الأصل أن يرضَّ أنثى الفحل رضًا شديدًا فتذهب شهوة الجماع، فالصوم وجاء أي يقطع النكاح كما يقطع الوجاء.
قوله: «التبتل» هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح كما في "الدر النثير".

.[29/2] باب صفة المرأة التي يستحب خطبتها

4211 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» رواه أحمد وتقدم قريبًا.
4212 - وعن معقل بن يسار قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد فأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الحاكم.
4213 - وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انكحوا أمهات الأولاد فإني أباهي بكم يوم القيامة» رواه أحمد وقد تكلم في إسناده.
4214 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يا جابر تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ قال: ثيبًا، فقال: هلا تزوجت بكرًا تلاعبها وتلاعبك» رواه الجماعة إلا الترمذي.
4215 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه الجماعة إلا الترمذي.
4216 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المرأة تنكح على دينها ومالها أو جمالها فعليك بذات الدين تربت يداك» رواه مسلم والترمذي وصححه.
قوله: «لحسبها» بفتح الحاء والسين المهملتين بعدها باء موحدة هو الشرف.

.[29/3] باب خطبة الصغيرة إلى وليها والبالغة إلى نفسها

4217 - عن عراك عن عروة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك؟ فقال: أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال» رواه البخاري هكذا مرسلًا.
4218 - وعن أم سلمة قالت: «لما مات أبو سلمة أرسل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت له: إن لي بنتًا وأنا غيور، فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة» مختصر من مسلم.

.[29/4] باب النهي أن يخطب الرجل على خطبته

4219 - عن عقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر» رواه أحمد ومسلم.
4220 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك» رواه البخاري والنسائي.
4221 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب» رواه أحمد والبخاري والنسائي.

.[29/5] باب التعريض بالخطبة في العدة

4222 - عن فاطمة بنت قيس: «أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنًا ولا نفقة، قالت: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أحللت فآذنيني فآذنته، فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة فقالت بيدها هكذا: أسامة أسامة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طاعة الله وطاعة رسوله، قالت: فتزوجته فاغتبطت به» رواه الجماعة إلا البخاري.
4223 - وعن ابن عباس «في قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة:235] يقول: إني أريد التزويج، ولوددت أن يتيسر لي امرأة صالحة» رواه البخاري.
4224 - وعن سكينة بنت حنظلة قالت: «استأذن عليَّ محمد بن علي ولم تنقضي عدتي من مهلك زوجي، فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابتي من علي وموضعي من العرب، قلت: غفر الله لك يا أبا جعفر إنك لرجل يؤخذ عنك، وتخطبني في عدتي، فقال: إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن علي، وقد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة وهي متأتمة من أبي سلمة، فقال: لقد علمت أني رسول الله وخيرته من خلقه وموضعي من قومي كانت تلك خطبة» رواه الدارقطني وهو منقطع لأن محمد بن علي لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -.

.[29/6] باب النظر إلى المخطوبة

4225 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه، فقال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: هل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا؟ فذهب ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظر ولو خاتمًا من حديد، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري، قال سهل: ما له رداء فلها نصفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء! فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا فدعي به، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن قال: معي سورة كذا وكذا، عددها، قال: تقرأهن على ظهر قلبك، قال: نعم، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن» متفق عليه واللفظ لمسلم، وفي رواية له: «فانطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن» وفي رواية للبخاري: «أمكناكها بما معك من القرآن» ولأبي داود عن أبي هريرة: «ما تحفظ؟ قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: قم فعلمها عشرين آية» وقد تقدم حديث سهل هذا في الإجارة وسيأتي في كتاب النكاح.
4226 - وعن المغيرة بن شعبة «أنه خطب امرأة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: انظر إليها فإنه أحرى إن يدوم بينكما» رواه الخمسة إلا أبا داود وأخرجه الدارمي وابن حبان وصححه، وقال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
4227 - وعن أبي هريرة قال: «خطب رجل من الأنصار امرأة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا» رواه أحمد ومسلم من حديث أبي حازم.
4228 - وعن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها» رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ: رجاله ثقات.
4229 - وعن موسى بن عبد الله بن أبي حميدة أو حميدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة، وإن كانت لا تعلم» رواه أحمد والطبراني والبزار، وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد رجال الصحيح.
4230 - وعن محمد بن سلمة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها» رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه.
4231 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أم سليم إلى امرأة، وقال: انظري إلى عروقها وشُمي عوارضها» رواه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الدارقطني وأبو عوانة وصححاه، ورواه أبو داود مرسلًا واستنكره أحمد.
قوله: «سمي» أي: انظري.

.[29/7] باب النهي عن الخلوة بالأجنبية ومسها والأمر بغض النظر والعفو عن نظر الفجأة

4232 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» أخرجاه وقد تقدم في باب النهي عن سفر المرأة للحج.
4233 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان».
4234 - وعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان إلا بمحرم» رواهما أحمد وروى حديث عامر ابن حبان في "صحيحه"، وحديث ابن عباس شاهد لهما.
4235 - وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يطعن في
رأس أحدكم بمخيط من حديد، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»
رواه الطبراني والبيهقي قال المنذري: ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.
4236 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد».
4237 - وعن جرير بن عبد الله قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك» رواهما أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
4238 - وعن بريدة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وأخرجه البزار والطبراني في "الأوسط" قال في مجمع الزوائد: رجال الطبراني ثقات.
4239 - وعن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وصححه.
4240 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل بن عباس يوم النحر خلفه فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر» متفق عليه.
4241 - وأخرجه الترمذي من حديث علي وصححه وفيه: «فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال: رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة» واستنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة.
قوله: «الحمو» أخو الزوج أي الخوف منه أكثر من غيره.

.[29/8] باب ما جاء أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأن عبدها كمحرمها في نظر ما يبدو منها غالبًا

4242 - عن خالد بن دريك عن عائشة: «أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه» رواه أبو داود وقال: مرسل خالد لم يسمع من عائشة.
4243 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تلقى قال: ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» رواه أبو داود والبيهقي وابن مردويه وفي إسناده أبو جميع سالم بن دينار الجهمي البصري. قال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: بصري لين الحديث.
4244 - ويعضده قوله: - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» وقد تقدم في باب المكاتب.
قوله: «دريك» بضم الدال مصغر وهو ثقة وقيل بفتح الدال والضم أكثر.

.[29/9] باب ما جاء في غير أولي الإربة

4245 - عن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عندها وفي البيت مخنث، فقال لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة: يا عبد الله إن فتح عليكم الطائف، فإني أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تدخلن هؤلاء عليكم» متفق عليه.
4246 - وعن عائشة قالت: «كان يدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مخنث قالت: وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرى هذا يعرف ما هاهنا لا يدخلن عليكم هذا فحجبوه» رواه أحمد وأبو داود وفي رواية له وأخرجه: «وكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم». وعن الأوزاعي في هذه القصة «فقيل يا رسول الله: إذاً يموت من الجوع! فأذن له أن يدخل في كل جمعة مرتين فيسأل ثم يرجع» رواه أبو داود.
قوله: «مخنث» بضم الميم بعدها خاء معجمة ونون مفتوحة فمثلثة هو الذي يتشبه بخلق النساء في حركاته وسكناته.
قوله: «تقبل بأربع وتدبر بثمان» المراد بذلك عكن البطن الحاصلة من شدة السمن، ولكل عكنة طرفان فإذا رآهن الرائي من جهة البطن وجدهن أربعًا وإذا رآهن من جهة الظهر وجدهن ثمانيًا.
قوله: «الإربة» هي الحاجة والشهوة.